رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خلال مقابلة له ضمن برنامج “هاشتاغ سياسي”

رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خلال مقابلة له ضمن برنامج “هاشتاغ سياسي”

أعرب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، خلال مقابلة له ضمن برنامج “هاشتاغ سياسي” مع الاعلامي علي حمادة عبر قناة “هلا لندن تي في” عن عدم توافقه “مع الرأي القائل إنه بعد ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور إلى رئاسة الجمهوريّة سنشهد المزيد والمزيد من التصعيد الذي من الممكن أن يصل إلى ما لا تحمد عقباه”، مستغرباً هذا الكلام في هذا السياق.
اضاف: “بعد التأخير الى الآن، 7 أشهر عن إنجاز الانتخابات الرئاسيّة، التي شأنها كأي استحقاق انتخابي يتطلّب مرشحين لخوضه، وبعد تكرار الكلام من قبل فريق الممانعة الذي يلعب دور الناطق باسمه في هذه الفترة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن لديه مرشحاً جدياً يدعى الوزير السابق سليمان فرنجيّة فيما الآخرين ليس لديهم مرشّح، قام هؤلاء الآخرون بصولات وجولات فيما بينهم وتمكّنوا من التوصّل إلى مرشّح واحد، وبالتالي يجب ألا نشهد أي تصعيد لا بل على الفريق الآخر أن يشعر بالفرح بعد أن تمّ التوافق على مرشّح آخر جدي مقابل مرشّحهم، الأمر الذي يحتّم علينا الذهاب مباشرة إلى الإنتخابات الرئاسيّة”.
استطرد جعجع: “لا مبرّر للتصعيد، وسمعنا في اليومين الماضيين تصعيداً كلامياً كبيراً، ما هو الا مؤشر إلى أن فريق الممانعة لا يريد خروج الأمور عن سيطرته، وهو لا يؤمن لا بالدستور ولا بالإنتخابات ولا بالإنتظام العام ولا بالمبادئ الأخرى المشابهة، وجُلَّ ما حدث هو أن هذا الفريق حين لمس حدوث أمر ما، من خارج توقعاته وسيطرته بدأ بالتصعيد مباشرةً”.
رداً على سؤال عن كيفية التوصّل إلى ترشيح الوزير أزعور رغم كل التباينات بين الأفرقاء الذين تقاطعوا على هذا الترشيح، عاد رئيس القوات بالتذكير ان “مرشحنا كان النائب ميشال معوّض، ومنذ انتهاء الإنتخابات النيابيّة الماضية كان جلياً وجود فريقين في البلاد، فريق المنظومة الحاكمة الفعليّة الذي يتألف من “حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار الوطني الحر” وحلفائهم والفريق الآخر الذي يمكن أن نطلق عليه تسمية “الفريق المعارض” إلا أنني أفضّل تسمية “الفريق الآخر””.
تابع: “قمنا بترشيح معوّض على أساس أن “الفريق المعارض” مجمع على ضرورة إحداث تغيير ما في البلد، خصوصا في السلطة، حتى لا تستمر الأمور على ما هي عليه اليوم. فقمنا باتصالات مكثّفة مع جميع الأفرقاء من أجل الإجماع على ترشيحه، على خلفية أنه مرشّح مقبول، “جديد”، شاب ويحمل بذور نجاح كبيرة في حال تم الإتفاق على دعمه، إلا أننا لم نستطع أن نؤمن له إجماع الأطراف التي تطلق على نفسها اسم “معارضة”. وعلى مدى 11 جلسة استمر معوّض في الحصول على 40 أو 45 صوتاً، وعندها رأى فريق الممانعة أن الفرصة سانحة أمامه وأقدم على ترشيح رئيس “تيار المردة”، وهذا بطبيعة الحال من حقّه، ومنذ ذاك الحين أي منذ قرابة الشهرين ونصف الشهر إلى اليوم، ونحن نفكّر بما يجب القيام به باعتبار أنه من غير الممكن الإستمرار بترشيح معوّض بعد أن بات واضحاً أن لا حظوظ له كما أنه في الوقت عينه، لا يمكننا الجلوس مكتوفي الأيدي من دون القيام بأي خطوة، لأننا بذلك وبشكل غير مباشر نعزّز حظوظ مرشّح الممانعة. إنطلاقاً من هنا، كان من الواجب علينا إستنباط حل من خارج الصندوق “Out of the box”، ولا سيما أننا كنا أمام معضلة أنه من شبه المستحيل جمع فريق “من يعلنوا عن أنفسهم أنهم معارضين” خلف مرشّح واحد، ولو أننا حاولنا مراراً وتكراراً القيام بذلك، ولم نوفّق لأسباب عديدة، منها ان بعضاً من هذا الفريق تنقصه الخبرة وفئة اخرى منه “نظريين كثيراً “، أما القسم الثالث فهو يعيش على كوكب آخر وللأسف لا يزال حتى يومنا هذا. لذا كان علينا البحث عن حلّ من خارج المعارضة الأساسيّة والمعارضين الفعليين.”

أردف: “وجدنا “التيار الوطني الحر” يقوم بخطوة البحث أيضًا باعتبار أنه في مأزق ولا يوافق أبداً على ترشيح فرنجيّة، وبالفعل جرت لقاءات عديدة “بين بحثنا والبحث الآخر” بحيث أن الإسم الذي تمكّنا اليوم من التقاطع عليه أتى نتيجة مسار دام قرابة الشهرين ما بين النواة الفعليّة للمعارضة ورئيس “التيار” جبران باسيل”.
وحول اعتقاده أنهم استطاعوا تسجيل نقطة من الممكن أن تؤدي إلى إسقاط ترشيح فرنجيّة، علّق جعجع: “لا يمكننا قول ذلك، باعتبار أن الهدف ليس إلغاء ترشيحه بحد ذاته وكأن الأمور شخصيّة، وإنما نسعى إلى عدم البقاء في الجمود الرئاسي الراهن، وألا نفسح المجال أمام فريق الممانعة بإيصال مرشّحه، أياً يكن هذا المرشّح، وأن ننجح في التقاطع على”الاسم المقبول حاليا، الذي من الممكن السير معه نحو الأمام”.
ورأى جعجع انه “من المفترض ألا ننسى أن الطبيعة تكره الفراغ وفي ظل استمراره لا يمكننا أبداً استشراف ما ينتظرنا، فعلى سبيل المثال كان من الممكن في أي وقت من الأوقات أن يعود محور الممانعة للتفاهم مع باسيل على اسم مرشّح ما، وعندها ماذا يمكننا أن نفعل؟ وبالتالي كان هناك حاجة ملحّة لملء هذا الفراغ بما هو ضمن حدود المعقول والممكن في هذه الفترة”، مشير الى ان ترشيح أزعور ليس أبداً من أجل إلغاء ترشيح فرنجيّة بحد ذاته بل خطوة جدية هدفها الفوز في هذه المعركة”.

وعما اذا كان قلقا إزاء موقف “التيار” المؤيد لترشيح أزعور على خلفية علامات الاستفهام الموجودة لديه حول التزام باسيل به، وعما إذا كانت زيارة الرئيس السابق ميشال عون إلى سوريا من الممكن زعزعة صلابة موقف “التيار”، قال جعجع: “منذ شهرين تقريباً كنا على مقربة من ترشيح أزعور، إلا أنه وبناءً على السوابق التي لنا مع “التيار” لم نكن مقتنعين بجديته في هذه المسألة حتى سماعنا الموقف العلني الذي وفي حال التراجع عنه سيدفع الثمن غاليا، ولكن هذا لا يعني أننا يجب الا نبقى متيقظين حتى اللحظة الأخيرة في ظل السوابق غير المشجّعة”.

أما بالنسبة لزيارة عون، فأعرب جعجع عن أسفه الشديد، سائلا: “من الموجود في دمشق اليوم؟ فلو وجدت سلطة فعليّة تمثّل الشعب السوري لكنا تفهمنا هذه الزيارة، ولكنت حذوت حذوه، باعتبار ان سوريا دولة على حدودنا ومن المفترض أن تربطنا بها علاقات، إلا أن الواقع هو غياب النظام في سوريا. واعتبر انه “في حال كانت هذه الزيارة تهدف الى اصلاح العلاقة مع فريق الممانعة فعندها كان يجب ان تأتي ضمن إطار حزبي ضيّق وليس في إطار علاقة بين دولة وأخرى لمصلحة الشعبين”.

أما بالنسبة لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة اعتبار ان ترشيح أزعور هو لتجمّع الأضداد، فتمنى جعجع وخصوصاً على “حركة أمل” أن تتحلّى بالحد الأدنى من المنطق في المواقف، فإذا كان هذا التجمّع بنظره “تجمّع أضداد او افرقاء متفاهمين” “شو فرقانة معا”، فنحن في صدد انتخابات رئاسية ومن حقكم تأييد او عدم تأييد هذا المرشح ولكن كيف تم التقاطع عليه وممن، فهذه المسألة ليست من شأن أحد. وذكّر ان “فريق الممانعة” يحكم البلاد منذ 15 عاماً من خلال مجموعة أضداد قوامها “التيار الوطني الحر”، “حزب الله” و”حركة أمل”، وهي تعيش بالعمق ما يحاول هذا المحور اتهام الآخرين به”.
واستغرب “رئيس القوات” “وصف ترشيح أزعور بـ”التعطيل” فيما أخرج الاستحقاق الرئاسي من الركود ما دفع الرئيس بري بالدعوة إلى جلسة انتخابية، وبالتالي هذا المنطق مرفوض، باعتبار أن الديمقراطيّة تتطلب الحد الأدنى من قبول الآخر”.

وعن رأيه بمعادلة ان “معظم الكتل المسيحيّة ضدّ فرنجيّة ما يعني ان الكتل الشيعيّة ضد أزعور”، أجاب: “لنضع شخص سليمان فرنجيّة جانباً، ولكنه مرشّح الممانعة على الموقع المسيحي الأول الذي في العرف والمناخ السائد في لبنان منذ نحو الـ50 سنة، من الواجب الإستئناث برأي المسيحيين به، كما عندما يكون موقع رئاسة الحكومة موضع بحث فمن الطبيعي التوقف بالدرجة الاولى عند رأي الطائفة السنية، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على موقع رئاسة مجلس النواب بالنسبة للطائفة الشيعية”.
واستطرد: “بالنسبة لمسألة الميثاقيّة، منذ 20 عاماً عمد البعض على تشويه هذا المفهوم واستخدامه بشكل مغلوط، وإذا أردنا الجواب الصحيح حوله علينا العودة إلى الميثاق الوطني 1943، الذي كان ما بين المسلمين والمسيحيين، لا بين الموارنة والروم الأرثوذكس كما ليس بين الشيعة والسنّة والدروز والروم الكاثوليك، وبالتالي أي مسألة تحظى بموافقة غالبية المسيحيين والمسلمين تكون ميثاقيّة، وهذا المفهوم المطروح يجب ان ينسحب على كل الطوائف”.

وشدد على ان الحديث عن الانتقال من “الثنائية الشيعيّة” إلى “الثلاثيّة المسيحيّة”، توصيف خاطئ، اذ انه يصح التأكيد على وجود ثنائيّة شيعيّة فعليّة رغم خلافاتها المضمرة غير المؤثرة في العمل السياسي واختلافها على بعض النقاط الإستراتيجيّة، بينما في المقابل لا ثلاثيّة مسيحيّة إطلاقاً بل تقاطع على إسم رئيس جمهوريّة فـ”التيار” في مكان آخر مختلف تماماً، وعودة باسيل لنغمة “المقاومة” والنغمات الاخرى في خطابه الاخير بعيدة كل البعد عن طريقة تفكيرنا”.
اضاف: “صحيح أننا من أوائل المقاومين إلا أننا نقاوم من خلال الدولة التي من المفترض انها “المقاوم الفعلي” وليس “المقاومة” التي يعنيها باسيل، لذا ما من “ثلاثيّة مسيحيّة”، بل جهّة معارضة واسعة تنطلق من النواب وضاح الصادق، مارك ضو، بعض النواب التغيريين والمستقلين، “الكتائب اللبنانيّة”، “الوطنيين الأحرار”، و”القوّات اللبنانيّة”، وهذه المعارضة الواسعة لا علاقة لها لا بثنائيّة مسيحيّة ولا بثلاثيّة”.
واوضح ان تعطيل وصول مرشّح محور “الممانعة” لا يعود فقط للنواة الصلبة المسيحيّة التي هي بحد ذاتها ليست بقليلة، بل هناك شخصيات كالنواب أشرف ريفي وفؤاد مخزومي ومارك ضو ووضاح الصادق وبعض النواب المستقلين وسواهم لعبت دورا في هذه المسألة، وبالتالي هذه النواة لا تعبّر عن الوجدان المسيحي فقط لا بل في الوقت عينه عن الوجدان الوطني العام”.

أما عن امكانية تحوّل هذا التقاطع على إسم أزعور إلى تفاهمات ومفاوضات أوسع، بالنسبة لـ”القوات”، فتمنى جعجع ذلك، ولكن “علينا التنبّه لمسألة مهمّة وهي أن كل ما رأيناه من باسيل طيلة السنوات الماضية معاكس لطريقة تعاطي “القوات” ونهجها ومنهجها ونظرتها لإدارة الأمور في الدولة، ولكن اذا استطاع فعلا باسيل تخطي كل هذه الأمور فلما لا، إلا أنني حتى اللحظة ورغم تقاطعنا على ترشيح أزعور، المس ان طرح باسيل الأساسي لا يزال كما هو كذلك مقاربته للأمور، وبالتالي لا يمكننا التفاهم”.

وعن الصورة التي جمعت الوزير أزعور وخلفه الشهيد محمد شطح، علق جعجع: “لقد قرأت مؤخرا ما هو أسوأ منها في إحدى الصحف اللبنانيّة التي تعبّر عن رأي الثنائي الشيعي وخصوصاً “حزب الله”، اذ نقلت عن مصدر من “الثنائي” ابلاغ النائب وليد جنبلاط بعدم المضي بدعم أزعور تجنّبا للمشاكل، باعتبار ان هذا الامر هو بمثابة تحدٍ للثنائي الشيعي، ألا يعد هذا الكلام تهديداً؟”.
وعما إذا كان يخشى من أعمال مخلّة للأمن في الفترة الممتدة حتى 14 حزيران، لفت جعجع الى انه “بالعودة الى احداث الماضي فهناك خشيّة من هكذا أعمال، ولكن استبعد ذلك اذا أردنا الأخذ بعين الإعتبار المؤشرات الدوليّة والإقليميّة والمحليّة، الى جانب عامل إضافي لم يكن متواجدا في العادة وهو الجهود المضنية لقوى الامنية والجيش اللبنانيّ الامر الذي لن يسمح لأي فريق لبناني بالتعدي على فريق آخر”. واذ طمأن اللبنانيين عن جهوزية الجيش في ضبط الأوضاع رغم ما شهدناه من مناورات لأطراف عديدة، رأى جعجع ان “المشكلة تكمن في وجود بعض الأطراف في البلد “يلي ما بتستحي”، فهناك حزب وضع ثقله في المناطق اللبنانيّة كافة ولم يتمكن من إيصال نائب واحد إلى البرلمان إلا أنه يقوم بالمناورات ويعتزم قتال إسرائيل”.
أردف: “لا بد من التوقف هنا عند الإنفجار الذي وقع في قوسايا، فغالبية الشعب كان قد نسي أصلاً وجود قوسايا ولكن الحقيقة أن بعض المجموعات والاحزاب التي وضعها النظام السوري ولا تزال منذ ذاك الحين تعتزم مواجهة إسرائيل وكأنه ليس هناك من دولة في لبنان أو نظام أو دستور، هذا كلّه لأقول أنه حتى هذه اللحظة يستمر “حزب الله” والنظام السوري، في زرع أدوات التخريب واستخدامها في الداخل اللبناني، ولكن الجيش الذي يبسط سلطته لن يسمح لأي لبناني بالتعدي على آخر”.

لم يستبعد جعجع ان تكون الجلسة الـ12 “أنزع” من سابقاتها من خلال تعطيل النصاب في الدورة الأولى او عدم حضور الجلسة من الأساس. واضاف: “هذه المرّة “رح نلحق الكذاب على باب دارو” ولا سيما ان الظروف متوافرة ولا داعي للمقاطعة ونحن أمام مرشحين واضحي المعالم، يتمتّعان بالشروط المطلوبة ويحظيان بتأييد بعض الكتل، من هنا ضرورة التوجّه نحو جلسات إنتخابية مفتوحة حتى الوصول إلى النتيجة المرجوّة”.

وعن إذا كان حال أزعور مشابهاً لترشيح معوّض في حال لجوء الفريق الآخر الى التعطيل، رأى جعجع أنه “ليس بالضرورة ان يلقى المصير نفسه اذ أن أزعور منطلق من قاعدة أوسع، لذا سنتمسّك بترشيحه وهذا حقّنا الطبيعي بعد ان تقاطعت المعارضة على اسمه، وهذا الامر الأهم، ناهيك عن ميزات اخرى متوافرة عنده كما عند عدد كبير من المرشحين الآخرين”.

وتطرّق جعجع إلى مقياسين مهمين لدى أزعور الأول النظرة الوطنية، فيما الثاني محاربة الفساد وكيفية التعاطي في إدارات الدولة، وحين تقوم مؤسسة دوليّة كصندوق النقد الدولي بقبول شخص معيّن للعمل عندها فهي تدقق في خلفياته وأدائه، وبالتالي اعتبرنا أن هذين المقياسين كافيين بالحد الأدنى من أجل المضي بالتقاطع الحاصل على اسمه.

واذ شدد على انه ليس مطلوبا اي امر من الشركاء العرب والأجانب في الإستحقاق الرئاسي لأن هناك 128 نائباً تقع على عاتقهم مسؤوليّة إنجاز الإستحقاق الرئاسي، أكد جعجع اننا لسنا في صدد تنفيذ مشاريع بحاجة لإستثمارات ورؤوس أموال حيث نلجأ إلى أصدقائنا. وحمّل كل نائب في البرلمان مسؤوليّة الموقف الذي سيتخذه من الآن حتى الأربعاء المقبل بمعنى أنه لم يعد يجوز التلطي تارة خلف الورقة البيضاء وتارةً أخرى بشعارات وأسماء غير جديّة.
تابع: “هناك من يتذرّع بشعار “مش عاجبنا لا هيدا ولا هيداك” فيما نحن نعيش على هذا الكوكب ويجب أن “يعجبنا” امر ما من الموجود. وفي هذا الإطار، علينا في أسوأ الحالات اتباع مفهوم “التصويت للأقل سوءاً” كي لن نراوح مكاننا. أنا أحترم من سيصوّت لفرنجيّة فهذا رأيه، شرط ألا يهدد الآخرين، كما أحترم من سيختار أزعور إلا أنني لا اتفهم من لن يصوّت لأي من الخيارين بعد كل ما مررنا به”.
ونفى جعجع ما يُشاع حول ان البعض ينتظر “كلمة السر” من الخارج باعتبار ان هذا الامر خطأ يجب تصحيحه، في هذه الدورة قبل غيرها.

وردا على سؤال، اعتبر جعجع أن “منطق التوازن بين القوى يمكن تحقيقه عبر إرادة وطنيّة صلبة وصافية بامتياز، لأن الحل لا يكمن وفق “داوني بالتي كانت هي الداء”، فهل المطلوب اذا “حزب الله” يستعين بإيران مثلا أن نستعين بفرنسا؟ علما أن هذه المرّة انقلبت الأمور وقد استعان “الحزب” بإيران وفرنسا وحاول مع المملكة العربيّة السعوديّة، في وقت اننا نواجه هذه الظاهرة بإرادة وطنيّة صافية فقط”.

وعن بعض النواب الذين ينتظرون تدخلا من “المملكة” لمواجهة مرشّح “الثنائي”، اجاب: “”القوات” من أكثر الأفرقاء الحاضرين في الأوساط العربيّة، لذا ثق بأن هذه الأوساط تنتظر إشارة منا بما يجب القيام به في لبنان، و”المملكة” أكّدت مرارا أنها لا تريد التدخل في التفاصيل و”الزواريب الداخليّة”، وعلى من يرى نفسه قريبا منها عليه الاعلان عما يراه الأفضل للقيام به”.
ولجهة لجوء البعض إلى فرنسا، علّق جعجع: “”حزب الله” ومنذ قرابة الـ30 سنة لطالما عيّر الآخرين بأنهم “جماعة السفرات”، وسمعنا اتهامات كـ”هؤلاء مع الإستقواء الغربي” و”هؤلاء ينتظرون التعليمات الخارجيّة”، في حين أنه يقبع منذ ثلاثة أشهر على أعتاب أبواب السفارة الفرنسيّة و”عم يترجى الفرنسيين” استعمال علاقاتهم مع “السعوديّة” كي تضغط على أصدقائها في لبنان للتصويت لمصلحة فرنجيّة”.
واشار الى ان “فرنسا لم تعد مندفعة كالسابق بدعم مرشّح الممانعة على أثر الزيارة التي قام بها غبطة البطريرك إلى باريس، ولن تقوم بأي خطوة في محاولة لتزكية ترشيحه، ناهيك عن وطأة إجماع المعارضة، الذي يضم إجماعا مسيحيا قل نظيره، من الاحزاب المسيحية وأكثريّة المستقلين باستثناء “الفرسان الأربعة””.
وكشف ان “البطريرك الراعي حمل معه الى الفاتيكان وفرنسا موقف الأكثريّة باعتبار انه وقبل سفره كان قد تبلّغ منا ومن “التيار” و”الكتائب” و”الأحرار” والنواب المستقلين ان النائب ميشال معوّض أو النائب نعمت افرام أو الآخرين موقفهم الجديد”.

اما عما إذا كانت أبواب العالم العربي ستفتح امام لبنان في حال انتخاب أزعور، فرأى ان “الأمور ليست مرتبطة فقط بانتخابه إنما هناك خطوات اخرى اضافية كتشكيل الحكومة، ولكن يمكن اعتبار أننا بانتخابه رئيسا نكون قد سلكنا الطريق الصحيح”.
وحذّر جعجع من “الذهاب إلى هزّة أمنيّة “شو ما صار يصير” لانها لن تؤدي إلى حل، ولكن عندها يجب أن نعيد النظر بكل ما هو قائم، وأعني فيه ما أعنيه، وأنا لا اقصد هنا التفكير بصيغة لبنان الموحّد بل بصيغته من ضمن الوحدة، وهذا الأمر الطبيعي”.
وعن إذا كان موضوع الفدراليّة Taboo بالنسبة اليه، قال جعجع: “ليس هناك من Taboo، يجب ان يكون الإنسان منفتحاً ويبحث في كل الأمور لنرى إلى أين سنصل، ولكن قبل هذه الخطوة من المؤكد أن الأمور عالقة منذ 30 أو 40 عاماً على مستوى السلطة المركزيّة، وهذا الأمر يتطلّب حلحلة لإراحة المواطن اللبناني بدل التمسك بتركيبة خانقة. انطلاقا من هنا، علينا العمل من أجل تسهيل وتيسير أمور المواطن، بما اننا لن نتمكن بسهولة من الإتفاق على السياسة الخارجيّة او الإستراتيجيّة، فهل من الضروري أن يموت المواطن على قارعة الطريق وان يفتقد أدنى حقوقه الى حين معالجة اختلافنا على المسائل الكبرى؟ جل ما نطرحه معادلة تؤمن للمواطن سير حياته بغض النظر عن الخلافات التي من الممكن أن تحصل على المستوى المركزي”.

ردا على سؤال حول اعتباره الإنتخابات الرئاسيّة مفصليّة ومن الممكن أن تؤدي إلى شرخ كبير في البلاد في حال فرض الثنائي الشيعي رأيه، قال: “في هذه الحالة، تكون هذه المجموعة قد فرضت رأيها على جميع اللبنانيين عن غير حق ومن خارج القانون والدستور والإنتظام العام، وعندها سنذهب لطرح اللامركزيّة الموسّعة الإداريّة والماليّة وما يتبعها، التي من ضمنها المجالس المحليّة التمثيليّة المنتخبة، باعتبار أنه كما لدينا “Collateral Damage” لدينا في بعض الأحيان “Collateral Advantage”، ما يعني انه بدل ابقاء الصراع بين الطوائف لننقله داخل كل طائفة ليبقى ضمن الحدود المقبولة.” ودعا الى وجوب ترك الأمور التفصيليّة المعيشيّة من إهتمامات المعنيين في المناطق لأنهم أدرى في أمورهم، ففي حال اختلفوا لن يؤدي ذلك إلى أزمة في البلاد برمتها”.

اما اذا كان يطرحه يستبطن اللامركزيّة الأمنيّة المحليّة من شرطة أو ما شابه، اوضح: “الجيش واحد موحّد، ولكن أليس لكل بلديّة شرطة تابعة لها؟ يجب ألا نخاف من مقاربة الأمور، لتسهيل حياة المواطن أياً يكن، أكان في التليل – عكار أو في حاروف – الجنوب أو في دير الأحمر أو صغبين أو مشغرة. نحن بكل وضوح لا ندعو الى التقسيم لا بل بالعكس لا نريده باعتبار اننا لا نحبّذ التفريط بأي حبة من تراب لبنان الواحد الموحّد”.

وشدد “رئيس القوات” على انه “أياً تكن الأحوال أصبح من الواجب طرح هذا الموضوع، فمسألة التعطيل المستدام والمتمادي للاستحقاق الرئاسي يمكن أن تسرّع الأمور، ولكن في مختلف الاحوال علينا التفكير بهذا الشكل. كما أكد انه بات من الضرورة ان نشهد حدا أدنى من الثقة وان نتوقف عن تخوين بعضنا البعض عند اختلاف الآراء.

وعن تأثير الفراغ الرئاسي على المواقع المسيحيّة التي ستصبح شاغرة، اعتبر ان “الأمر ليس مقتصراً على هذه المواقع فقط، إنما على المواقع كافة، فبالأمس طرح منصب مدير عام الأمن العام واليوم حاكميّة مصرف لبنان”. وأسف جعجع لطريقة تعاطي “الثلاثي الحاكم”، “حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار”، مع هذه المسألة ولو تلطّى خلف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفي الغد سيأتي دور قوى الأمن الداخلي ومن بعدها قيادة الجيش. اذا هذه مسألة عامة تتعلق بالبلد ككل، ولا حل لهذا الموضوع الا من خلال انجاز الاستحقاق الرئاسي”.

أما بالنسبة للتطورات الإقليميّة وفتح السفارة والقنصليّة السوريّة في الرياض وجدّة، ولا سيما انه اخذ عليه عدم دقة توقعاته حول الإنفتاح العربي المتسارع نحو النظام السوري، فردّ جعجع: “ليس صحيحاً هذا الأمر، ففي حال كنا نتحدث بالشكل فما يقولونه صحيحاً و”ما معي حق بشي”، أما بالنظر الى الجوهر، نعم حدثت “Détente” بمعنى أن الأجواء لم تعد متشنجة، ولكن على أرض الواقع ماذا تغيّر؟ اليمن هي درّة هذا الإتفاق، والخطوة الاولى فتح الموانئ والمطارات وفتح الطرقات وحتى اليوم لم يتم إنجازها، وما أدرانا ما الحال عندما نصل إلى الخطوة الثانية وهي تشكيل حكومة وحدة وطنيّة، بكل بساطة هذا ما قلته.
أردف: “اما عن ما نشهده من حملات بان سوريا إلى الحضن العربي، فللأسف ليس هناك من سوريا اليوم لانها مهاجرة منها، وشعبها ليس موجودا في سوريا اصلا”.

وردا على سؤال، قال: “لم أقتنع يوماً أن هناك فريقين في إيران، فهما في صراع على السلطة داخل البلاد فقط إلا أنه لديهما النظرة الإستراتيجيّة ذاتها للأمور، ونذكر أن المشروع النووي الإيراني بدأ مع خاتمي ورفسنجاني.”
تابع: “انا لا أعوّل كثيراً على اتفاق بكين لانه أتى في لحظة كان الإيرانيون فيها بحاجة له، ويجب ألا ننسى أنهم أصبحوا في عزلة كبيرة خصوصا بعد تدخلهم في حرب أوكرانيا إلى جانب روسيا. انطلاقا من هنا، كان من الضروري لهم فتح متنفس في مكان ما، فوجدوا أن الأنسب الانفتاح على العالم العربي والإسلامي بعد حوار طويل مع السعوديين، فرتبوا ما يمكن ترتيبه “بمعيّة” الصين لكي يتمكنوا من التوصل إلى هذا الإتفاق الأولي، الذي حتى الآن يظهر أن أرضه الفعليّة هي اليمن وليس سوريا حتى، ولبنان غير وارد في المسألة أبداً”. أما ملف عودة سوريا إلى جامعة الدول العربيّة فمسألة أخرى وكان يتم العمل عليها منذ وقت طويل بين السعوديّة وسوريا بشكل مباشر ولأسباب أخرى”.
وتمنى جعجع حصول تفاهم فعلي في المنطقة يمكن للبنان الاستفادة منه ولكن هذا الاتفاق يتطلب ان تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران بتغيير نظرتها الخارجيّة برمّتها الأمر الذي لا يراه حاصلاً.